القوة : مفهوم القوة وأهميتها في حياة الإنسان
إن الانسان هو محور هذه الحياة ومنطلقها ، وهو
المخلوق المكرم ، وباعتباره هذا فهو دائما يصارع من أجل إشباع رغباته وحاجاته اليومية
، ونظرا لوجود موانع تقف حائلا دون حدوث ذلك ، تنشأ عنده الرغبة في التخلص من تلك
القيود للوصول إلى الأهداف ، لأن منذ وجود الانسان فهو يصارع من أجل التحكم بالقوة
باعتبارها الغاية الأسمى للحصول على تلك الحاجات والرغبات. إذن ما معنى القوة؟
ولماذا تأخذ لها هذه الأهمية؟
تعتبر القوة من المفاهيم الأساسية في علم
الاجتماع بصفة عامة، وما تتدخل فيه من مجالات ، لأنها تشمل كل المجالات والزوايا التي
يتواجد فيها الانسان، وبما أن الانسان محور الحياة ومنطلقها، وهو موجود في أي مكان
على الكرة الأرضية ، فإن القوة هي الأخرى سوف تتواجد في جميع الأماكن والمجالات،
وتعتبر من المفاهيم التي تدور حوله أغلب الدراسات والتحليلات التي تهتم بالتفاعل
بين الناس أو بين النظم والأنساق الاجتماعية.
كان الإنسان
ولا يزال يبحث عن النفوذ والقوة بشتى الطرق والوسائل سواء كانت حسنة أم كانت سيئة،
وهو يصيب حينا ويخيب أحيانا ، وكتب الكثير عن الناجحين في كل المجالات وكيف وصل
هؤلاء إلى مايصبون إليه ، بواسطة هذه القوة التي يصارع الجميع إلى امتلاكها، وهذه
القوة أنواع عديدة ومتعددة لكن كلما سئل عن القوة كمفهوم ، وليس كهدف ، كل ما
يتبادر إلى الذهن ، وهي فكرة لغالبية الناس
هو القوة الجسمانية أو الجسدية لكن
القوة كمفهومها الشامل تعني كيفية السيطرة على الأحداث وعلى الناس
وتوجيه الأقدار بالجهد واختيار الأساليب المؤدية للأهداف، وليس عن طريق الجسم فقط
، إنما يمكن أن يكون عن طريق العقل والفكر ، كما يمكن أن يكون عن طريق العاطفة ،
ويمكن أن تكون عن طريق العمل الجيد مع النية في ذلك ، وهذا رابط بالفكر والعقل.
يعد مفهوم
القوة من المفاهيم الواسعة الانتشار في ميدان علم الاجتماع الغربي، وقد عرفها
"ماكس فيبر" على أنها نوعا من ممارسة القهر أو الاجبار بواسطة أحد
الأفراد على الآخرين ، وعرفها "بكلي" عى أنها الرقابة أو التأثير الذي
يمارسه شخص ما او جماعة على أفعال الآخرين ، لتحقيق هدف معين دون موافقتهم ، وقد
يكون هذا الهدف ضد إرادتهم أو بدون
معرفتهم أو فهمهم، وتستخدم في ذلك ميكانيزمات عديدة ، منها العنف ، أو إصدار
الأوامر أو الاشارة غلى الجزاءات.
يمكن
تعريف القوة على أنها كل قدرة يمكن لها أن تحدث أثرا، وهي إرادة الإنسان في ترجمة
دوافعه ومطالبه وخياراته إلى واقع عملي في الحياة سواء الاجتماعية أو الاقتصادية
أو السياسية...، التي يعيش فيها ويتعامل معها ، كما أنها تعني نجاح الفرد في تحقيق
إرادته في ظل الصراع مع إرادة الآخرين في المجتمع ، وتؤثر في قدرة الناس على جعل
العالم يستجيب لمصالحهم وطموحاتهم ، كما تسمح لبعض الناس كما قلنا في فرض إرادتهم
على الآخرين.
وبما أن الإنسان
يكسب مطالبه وحاجاته بالقوة ، فإن من الضروري أن يصارع من أجل أن يتوفر عليها أو
التحكم فيها ، واعتبارها الغاية الأسمى ، حيث كان في القرون الماضية للقرن العشرين،
لا يعرف الانسان إلا القوة الجسمانية أو البدنية، إن لم تكن جماعية ، لأن الفرد
عندما يتوفر على القوة الجسمانية، هو الذي يحصل على كل شيء حيث يشبع حاجاته
ورغباته ، لكن ما يفوق هذا الفرد القوي هو الجماعة ، وغالبا ما تكون هذه الجماعة
أفراد عائلة واحدة ، إن لم يكونوا أصدقاء ، ولا يوجد قانون يحكم هذه الصراعات في
السابق ، لكن مع حدوث القانون ، أصبح كأنه قوة الضعيف أمام القوي، وبما أن القانون
فوق الجميع، فإن الفرد كل خطوة ينوي القيام
بها ، أو يفعل فيها شيء ما إلا وينظر بالعقل هل هو مخالف للقانون أم لا ، وإذا كان
الفرد يحقق حاجاته بقوته البدنية في الماضي ففي الحاضر أصبح يحقق حاجاته ومتطلباته
بقوة القانون.
ترجع
أهمية القوة عند الانسان إلى الشهرة التي يحققها في مجال معين ، إضافة إلى القيمة
التي يتمتع بها من يمتلك قوة معينة داخل المجتمع ، لذلك الجميع يتمنى أن تكون لديه
القوة، إذا كانت في العصور الماضية جسمانية فإن القوة التي يصارع الجميع إلى
امتلاكها الآن والحصول عليها ، هي القوة الفكرية، من خلال التعلم وكسب العلم ، حتى
أصبح أغلبية أفراد المجتمع متعلمين حتى اكتظت الشوارع بالمعطلين وبحاملي الشواهد
العليا، لكن من له الحظ كما يقال ويتوفر على قوة مادية تجعله أقرب إلى تلبية
حاجاته ورغباته داخل المجتمع المنافس، لأن بالمال يمكن أن تجعل كل شيء دنيوي لك وبها يترجم الإنسان كل دوافعه ومطالبه وخياراته
إلى واقع عملي في الحياة ، وبالتالي فالكل يجري وراء المادة، لكي يعيش حياة مادية
رفيهة ، تحقق له أو تكسب له كل ما يتمنى.
خلاصة القول ، القوة هي الرقابة أو التأثير الذي يمارسه
شخص ما او جماعة على أفعال الآخرين ، لتحقيق هدف معين دون موافقتهم ، وقد يكون هذا
الهدف ضد إرادتهم أو بدون معرفتهم أو
فهمهم، وتستخدم في ذلك ميكانيزمات عديدة ، منها العنف ، أو إصدار الأوامر أو
الاشارة على الجزاءات، كما تعني نجاح
الفرد في تحقيق إرادته في ظل الصراع مع إرادة الآخرين في المجتمع ، وتعطى لها هذه
الأهمية نظرا للنجاح الذي يحققه بها الفرد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق