النظام الديمقراطي البرلماني البريطاني

تطور النظام الديمقراطي البرلماني البريطاني من الناحية التاريخية


   تطور النظام الديمقراطي البرلماني البريطاني من الناحية التاريخية
    تعد بريطانيا مهد الديمقراطية البرلمانية في العالم ، لأنها أساس الديمقراطية ومنها انتشرت إلى الدول التي تبنتها فيما بعد ، وتعود الأصول التاريخية للنظام البرلماني البريطاني الذي يتخذ به المثل في العالم الآن إلى بداية القرون الوسطى ، ويتطور إلى أن وصل إلى ما وصل إليه حاليا ، حيث مرت بثلاث مراحل أساسية : الأولى من القرن الثاني عشر إلى القرن السابع عشر التي تم فيها الصراع بين الأرستقراطية والملك، والمرحلة الثانية شملت القرن الثامن عشر والتاسع عشر وفيها تم توطيد سلطة البرلمان وإقامة الأسس التقليدية للنظام البرلماني ، في حين أن المرحلة الثالثة بدأت منذ النصف الأول من القرن الماضي وكانت تهدف إلى إرساء قواعد النظام الديمقراطي ، وسوف نفسر هذه المراحل وهذا التطور بالتطرق إلى أهم الحيثيات التي مر بها.
      بعد ما تطرقنا إليه باختصار فإن النظام البرلماني البريطاني قد شهد منذ القرن الثاني عشر صراعا بين الأرستقراطية والملك من أجل توطيد الحريات العامة والحد من السلطة الملكية المطلقة ، وهذا الصراع دام حوالي خمسة قرون أي إلى القرن السابع عشر.
    أدى هذا الصراع بين الأرستقراطية والملك إلى ضعف وزن الملك حيث انتقلت مهام ممارسة الحكم إلى حكومة متضامنة منبثقة عن البرلمان وتعمل تحث مراقبته منذ أواخر القرن السابع عشر أي بعد ثورة 1688.
      من أهم الظروف التاريخية كذلك التي لعبت دورا في قيام النظام البرلماني وتوطيد أسسه ، هي أن الملك وليم الثالث اضطر للتخلي عن جزء هام من مقاليد الحكم ومهامه إلى وزرائه بسبب انشغاله بالحرب مع الملك الفرنسي لويس الرابع عشر ، وذلك منذ بداية القرن الثامن عشر ، ونظرا لما تتطلبه أمور الحرب من نفقات كان من الضروري فرض الضرائب لتجاوز الأزمة وتغطي النفقات ، وهذا بدوره لا يتم فرضها إلا بواسطة البرلمان، مما فرض على الملك اختيار وزرائه بين أعضاء البرلمان.
      أدى هذا الأمر إلى نشوء قاعدة عرفية في النظام البرلماني البريطاني ، وهي أن يجتمع الوزراء فيما بينهم ويتداولوا كما يحق لهم إقرار ما يشاءون في أمور الدولة بغياب الملك ، دون أخذ رأيه أو موافقته.
     بعد مسؤولية الوزراء سياسيا أمام الملك أصبحت كذلك مسؤوليتهم سياسيا أمام البرلمان ، لكن رغم كل هذا فالنظام البرلماني البريطاني لا يزال في هذه الفترة غير ديمقراطي لأنه يحصر قضية المشاركة السياسية بفئة قليلة من أفراد الشعب تضم أبناء الأرستقراطية والبورجوازية الكبيرة.
       الديمقراطية بمفهومها الواسع الذي يشارك فيها جميع المواطنين في تقرير شؤون الحكم وتيسير القضايا العامة على قدم المساواة لم يعرفها المجتمع البريطاني إلا في القرن العشرين ، نتيجة نضال الحركة الديمقراطية من أجل القضاء على نظام الانتخاب القديم وإقرار مبدأ الانتخاب العام ، وإعطاء الأولوية في الحياة السياسية لمجلس العموم باعتباره المجلس المنتخب من الشعب والذي يعبر عن إرادته وعن رأيه.
       عموما إن النظام الديمقراطي البرلماني البريطاني قد مر بمجموعة من المراحل التاريخية إلى أن أصبح نظاما يحتدى به حيث يقوم على أساس تفاعل تام بين مجموعة من المؤسسات السياسية من بينها المؤسسة الانتخابية والحزبية والحكومة ، البرلمان ، الملك.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق