القانون الدولي الخاص و القانون الدولي العام
مفهوم القانون الدولي الخاص و معيار التفرقة بينه وبين القانون الدولي
العام
ترجع عبارة القانون الدولي الخاص من حيث
ظهورها إلى الفقيه الأمريكي (اسطوري) في مؤلفه "تعليات على تنازع القوانين
" وتبنى مبادئه الأساسية ، المحامي الفرنسي (فولكس) في كتاب أصدره سنة 1843
بعنوان " المطول في القانون الدولي الخاص وتنازع قوانين مختلف الأمم في مادة
القانون الخاص" 1 ،
لكن إلى حد الآن ليس هناك تعريف محدد للقانون الدولي الخاص ، وربما يعزى ذلك إلى
تنوع موضوعاته واختلاف الاتجاهات الفقهية التي سعت انطلاقا من رؤيتها الخاصة
للمادة ، إلى تقريب فكرته إلى الأذهان وتوضيح وتوضيح ماهيته و استجلاء سماته
الأساسية.لكن رغم لابد من ذكر بعض التعاريف لاستخلاص مواضيع هذا القانون. إذن ما
هو تعريف القانون الدولي الخاص؟ وما الفرق بينه وبين القانون الدولي العام؟
إن تعاريف القانون الدولي الخاص كما قلنا
متعددة ومختلفة ومن بينها "هو ذلك الفرع من القانون الداخلي الذي يحدد جنسية
الأشخاص التابعين للدولة ، والمواطن ، ومركز الأجانب فيها ، ويبين الحلول الواجبة
الاتباع في تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدوليين2 ".
" هو ذلك الفرع من فروع القانون الذي
يعنى بتنظيم علاقات الأفراد ذات الطابع الدولي ، عن طريق تمييز الوطني عن الأجنبي
، وتحديد قدرة الأجنبي على التمتع بالحقوق داخل إقليم الدولة ، وبيان القانون
الواجب التطبيق على هذه العلاقات ، والمحكمة المختصة بنظر المنازعات المتعلقة بها
، وبيان آثار الأحكام الصادرة عن قضاء دولة أجنبية3 " .
"هو مجموعة القواعد القانونية
المنظمة للعلاقات بين الأشخاص الخاصة عبر الدول ، والمحدد للمركز القانوني للشخص ،
ببيان جنسيته ومدى تمتعه بالحد الأقصى للحق لممارسته والحصوللا على حماية القضاء
عند كل نزاع بشأنه وصولا إلى شموله بأمر التنفيذ، وتعيين أثره عندما يراد تطبيقه
في غير بلده4".
"هو ذلك الفرع من القانون ... الذي
يحكم توزيع الأفراد توزيعا دوليا، على أساس الجنسية والموطن ، لبيان ما يتمتعون به
من حقوق في العلاقات الدولية وطريقة اكتسابها أو فقدانها طبقا للقوانين المختصة،
بمعاونة السلطات والجهات القضائية المختصة5".
وفي ضوء هاته التعاريف ، يمكن القول ، إن
القانون الدولي الخاص قانون يتميز بكونه يعنى بتنظيم الروابط الخاصة بين الأشخاص
المشتملة على عنصر دولي هو العنصر الأجنبي الذي تنشأ تبعا لوجوده في العلاقة
القانونية ، حالة تنازع القوانين بين القانون الوطني والقانون الأجنبي.
وبعيدا عن التعاريف الكثيرة التي سيقت
بمناسبة تحديد مدلول القانون الدولي الخاص ، التي يطبعها التباين تارة والانسجام
تارة أخرى ، نجد أن لهذا الأخير سمات بارزة يتميز بها عن القانون الدولي العام ، خاصة وأنه ينفرد
بكونه يتولى تنظيم وضعية الأشخاص الخاصة ، طبيعية كانت أم معنوية ، وبالتالي فإنه
يختلف عن القانون الدولي العام الذي وضعت قواعده من أجل تحديد أشخاص المجتمع
الدولي وتنظيم علاقات الدول بعضها ببعض أو بالمنظمات الدولية.
كما
يهتم بتنظيم الروابط ذات الطابع الدولي ، أي تلك التي تنطوي على عنصر أجنبي ،
ناهيك على أنه يروم من خلال اعتماد قواعد الإسناد، الفصل في النزاعات وايجاد
الحلول المناسبة للعلاقات الأجنبية ، وذلك بتبيان جنسية الأطراف ، والقانون الواجب
التطبيق والمحكمة المختصة بالنظر في النزاع، وبتعبير آخر ، إذا كان القضي يطبق
قانونه الوطني شكل آلي على النزاعات الداخلية ، ما دامت العلاقة محل النزاع لا
تتضمن أي عنصر أجنبي ، فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة للنزاعات الدولية الخاصة التي
من أهم وأبرز القواعد القانونية التي تعتمد في فضها ، قواعد تنازع القوانين ، أو
ما يسمى أيضا بقواعد الإسناد.في حين أن القانون الدولي العام يحدد حقوق وواجبات
الدولة المتبادلة ، كما قلنا أنه يحدد أشخاص المجتمع الدولي وتنظيم علاقات الدول
بعضها ببعض أو بالمنظمات الدولية.
هذا بعض المميزات التي تفرق بين القانون
الدولي العام والقانون الدولي الخاص ، لكن لا يمكن اعتباره معيار للتمييز بينهما
خاصة ، وأن هناك من يعتبر القانون الدولي العام مجموعة القواعد
القانونية التي تنظم العلاقات بين أفراد الجماعات المختلفة ،
وهذا أيضا مركز على الفرد مثله مثل القانون الدولي الخاص ، وهذا ما يفسر مشكلة
التميز بين القانونين ، لأنه من المواضيع التي استعصت على رجال الفقه القانوني فلم
يهتدوا إلى وضع حل حاسم لها ، نظرا لعدم وجود معيار ثابت وموحد يتأسس عليه هذا
الأخير.
خلاصة
القول إن القانون الدولي الخاص هو مجموعة من القواعد التي تبين مدى اختصاص القضاء
الوطني بالفصل في المنازعات الناشئة عن العلاقات ذات العنصر الأجنبي وتعيين
القانون الواجب التطبيق عليها ، أي هو ذلك الفرع
من القانون الداخلي الذي يحدد جنسية الأشخاص التابعين للدولة والموطن ومركز
الأجانب وحلول تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدوليين ، في حين أن
القانون الدولي العام ينظم العلاقات المتبادلة ما بين الأشخاص الدولية، حيث يبين
أشكال الدول وحقوقها وواجباتها وكيفية حل المنازعات فيما بينها، وهذا هو الفرق
الواضح بين القانونين.
==========
1 - موسى عبود،
الوجيز في القانون الدولي الخاص المغربي.الطبعة الأولى. سنة 1994 ص22
2 – عز الدين عبد الله، القانون الدولي الخاص الجزء
الأول. الطبعة العاشرة. سنة 1977 ض 108
وما بعدها.
3 – الحسين والقيد القانون الدولي الخاص. الجزء الأول:
الجنسية. الطبعة الثالثة. سنة 2007. سلسلة دراسات جامعية. ص10
4 – نفس المرجع
5 – نفس المرجع
مفهوم القانون الدولي الخاص والفرق بينه وبين القانون الدولي العام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق