العرف : مفهوم العرف كمصدر من مصادر القانون الدولي الخاص



مفهوم العرف كمصدر من مصادر القانون الدولي الخاص 
 العرف : مفهوم العرف كمصدر من مصادر القانون الدولي الخاص

       يعتبر العرف الدولي أقدم مصدر من مصادر القانون الدولي الخاص ويعرف بأنه ما اعتاده أشخاص المجتمع الدولي أو بعضهم من الاعتقاد بإلزاميته ، أو بعبارة أخرى هو مجموعة القواعد التي استقر العمل بها باستمرار وشاع الاعتقاد بالزامها من قبل الناس وقد ضعف وتضائل دور العرف في الوقت الحاضر بفعل تعاظم دور التشريع و المعاهدات ، ويحتل المركز الثاني بين مصادر القانون الدولي الخاص.
       يمكن التمييز بين المصادر الداخلية والدولية ، فمن خلال العرف الداخلي ورغم أنه ما يزال يحل مكان التشريع في أغلب الدول عند غياب النص في القانون المكتوب إلا أن القواعد التي استقرت في القانون الدولي الخاص عن طريقه ليست كثيرة ، نذكر منها قاعدة "خضوع الميراث المنقول لقانون المتوفى" و قاعدة "خضوع شكل العقد لقانون بلد إبرامه" وقاعدة "خضوع الأهلية لقانون الجنسية". ولا تكون الأعراف داخلية فحسب بل دولية أيضا عندما تتقبلها أكثرية الدول ويتكرر العمل بها عدة مرات ، إلا أن تشابه أحكام العرف الداةلي ف مختلف الدول لا يقود وفق رأي بعض الشراح إلى القول بوجود عرف دولي.
     يشترط لقيام العرف الدولي تكرار الأعمال المتماثلة في تصرف الدول في أمور معينة ، فإذا ما أتبت أن الدول تسير على وثيرة واحدة في نوع من التصرفات الدولية ، فالقاعدة التي يمكن استخلاصها من ذلك هي قاعدة عرفية دولية ، وعلى الدول التي صدر في مواجهتها قبوله ، مع استمرار هذا القبول في تكرار نفس الممارسة ، إلى جانب هذه الشروط المنتمية للركن المادي هناك شروط للركن المعنوي باعتقاد الدول بان التصرفات المادية التي تقوم بها أو تطبقها هي ملزمة لها قانوناً ، ولقد أشارت المادة (38) من النظام الأساس لمحكمة العدل الدولية إلى الركن المعنوي حينما اشترطت أن يكون العرف مقبولاً بمثابة قانون دل عليه تواتر الاستعمال، كما أيدت محكمة العدل الدولية ذلك في الحكم الذي أصدرته في 20/تشرين الثاني/1950، والخاص بحق الملجأ وهذا الركن المعنوي له أهمية كبيرة في تكوين العرف الدولي ويميز العرف عن العادة والمجاملات.
      أما بخصوص التصرف التي ينشأ عنها العرف الدولي فقد اتجه الفقه في تحديد العوامل التي تشترك في تكون العرف الدولي اتجاهين مختلفين ، الأول ذو نزعة وضعية نادى به الفقيه الألماني "شتروب" ويرى أن القواعد القانونية العرفية ناشئة عن تصرفات أجهزة الدولة ذات الاختصاص الدولي ، والاتجاه الثاني موضوعي وعلى رأسهم "جورج سل" الذي يرى أن التصرفات المنشئة للقواعد العرفية يمكن أن تصدر من أي فرد يدافع عن مصالحه الدولية.
     إن دور العرف منعدم في مجال الجنسية وبالمقابل كان له دور مؤثر في بعض موضوعات القانون الدولي الخاص وخاصة تنازع القوانين تنازع الاختصاص القضائي الدولي ودور مكمل للتشريع في موضوع الموطن ومركز الاجانب ، ولعل ما يفسر غياب أي دور للعرف الدولي في مجال الجنسية ، هو كون هذه الأخيرة حظيت من لدن المشرع بالتنظيم ، وإذا كان هناك تشابه في مبادئها العامة بين معظم الدول ، فلكون المشرع اقتبسها من العرف الدولي السائد، ويظل الاختلاف في الجوانب التي تستدعيها الظروف الخاصة لكل دولة على حدة.
     هذا باختصار على الجنسية ، وفيما يتعلق بوضعية الأجانب ، فقد تكونت مع مرور الزمن مجموعة من القواعد العرفية التي حازت قبول كل الدول ، منها أن للأجانب حد أدنى من الحقوق يجوز لهم التمتع به ، ذلك الحد الذي تعينه كل دولة انطلاقا من اعتبارات خاصة لديها.
وبالنسبة لتنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي،  يؤدي العرف الدولي دورا لا بأس به ، لوجود بعض قواعد العرف الدولي التي يجري بها العمل لدى غالبية الدول ، كخضوع العقار لقانون موقعه ، والعقد لقانون المكان الذي تم فيه ، وتطبيق القاضي لقانون المسطرة المقررة في بلده، وإقامة المدعي لدعواه في موطن المدعى عليه، إلى غير ذلك.
        عموما إن العرف الدولي يعد المصدر الثاني من مصادر القانون الدولي الخاص وهو مجموعة القواعد التي استقر العمل بها باستمرار وشاع الاعتقاد بالزامها من قبل الناس.



 العرف : مفهوم العرف كمصدر من مصادر القانون الدولي الخاص 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق