الدولة العثمانية : دوافع الدولة العثمانية إلى التجديد والإصلاح وضرورة التغيير.

دوافع الدولة العثمانية إلى التجديد  والإصلاح وضرورة التغيير.
الدولة العثمانية : دوافع الدولة العثمانية إلى التجديد  والإصلاح وضرورة التغيير.


دوافع الدولة العثمانية إلى التجديد  والإصلاح وضرورة التغيير.
      لقد كانت الإمبراطورية العثمانية من القوة والامتداد قادرة على ضمان توفير المداخل لخزينة الدولة معتمدة على جهازها الإداري وانضباط قوتها العسكرية ، لكن رغم ذلك اضطرت إلى عمل التغيير نحو التجديد والإصلاح وضرورة التغيير ، إذن ما الذي دفع بالدولة العثمانية نحو التجديد والإصلاح وضرورة التغيير؟
     يمكن أن نفسر دوافع تغيير الدولة العثمانية خاصة بعد القوة والامتداد التي كانت تتوفر عليها ، في كون أن بعد تفكك الجهاز الإداري اختلت هذه القوة ، وبدأت مرحلة الضعف والتراجع ، ويتجلى هذا الخلل نتيجة تفاحش الأزمة المالية التي عرت هشاشة الاقتصاد العثماني ، وتزايد الامتيازات التجارية للدول الأوربية التي عرفت تحولات اقتصادية رأسمالية ، وتفسخ الجهازين الإداري والعسكري.
     عانت الإمبراطورية العثمانية من أزمة مالية مزمنة كانت من أهم أسباب تدهورها ، وهي ناتجة عن خلل بين توقيت مداخيل خزينة الدولة ومصاريفها ، كما أسهم في الأزمة المالية والاقتصادية للإمبراطورية العثمانية تراجع عائدات التجارة البعيدة المدى بسبب تحول طرقها البحرية ، ومضايقة الصفويين للطريق البري لتجارة الحرير الواصل إلى الشام.
       أما تراجع موارد الدولة ، وتزايد حاجة الباب العالي إلى الأموال ، ازداد الضغط الضريبي على الفلاحة التي بالإضافة إلى تقنياتها التقليدية كانت توفر إنتاجها غير منتظم ، فلجأت الدولة إلى استرجاع أرض "التيمار" بضمها إلى الأسرة المالكة وإعادة تأجيرها للمضاربين عن طريق الالتزام ، وخلال القرن الثامن عشر تدهور هذا النظام في مصر والشام حيث أدخلت الدولة نظام "المالكانة" منحت بمقتضاه الملتزم حق الالتزام مدى الحياة ، ولم تعد الدولة قادرة على كبح الملتزم الذي مارس سلطات واسعة على الفلاحين وتجاوز المبلغ المحدد للضريبة وفرض عليهم مختلف أنواع السخرة.
      زادت الامتيازات التي حصل عليها الأوربيون من خلال المعاهدات التجارية المبرمة مع الامبراصورية العثمانية ، من إضعاف موارد الدولة وأدت إلى إفلاس التجار الحرفيين ، وهذه الامتيازات تتمثل في إنشاء قنصليات في الموانئ وإقامة سفارات في الأستانة وممارسة التجارة والاستفادة من الامتيازات الجمركية ، وكانت مهمة القناصل الذين دعمتهم الغرف التجارية الأوربية في مرسيليا ولندن وغيرها هي حماية القواعد التجارية لدولهم داخل الإمبراطورية والقيام بدور الوساطة بينها وبين العثمانيين. ولقد أضرت هذه الامتيازات بخزينة الدولة وبعدد من الأنشطة الاقتصادية التقليدية ، كما فتحت أبواب الإمبراطورية أمام الأطماع الاستعمارية الأوربية.
       إضافة إلى ما سبق فقد أصاب الضعف الدعائم الإدارية والعسكرية للإمبراطورية العثمانية ، بعد أن عم الفساد الهيئة التركية الحاكمة وأجهزت الدولة الإدارية والعسكرية ، وتركز الاهتمام على الضغط الضريبي والتهافت على المناصب مما زاد من تفاقم الأزمة المالية وإضعاف الدولة ، كما اختل نظام القوة العسكرية العثمانية ، وحشر الجيش نفسه منذ سنة 1566 في الصراع حول السلطة وتدخل في اختيار سليم الثاني ليتولى الحكم وكان أضعف أبناء سليمان القانوني.
      كل هذا نتج عنه تكبيد هزائم بحرية وبرية للإمبراطورية العثمانية في ظل الصراع المتواصل مع أوربا  ، كما نتج عن هذا التدهور ضعف سيطرتها على الولايات العربية خلال القرن الثامن عشر فظهرت حركات انفصالية بالمشرق العربي.
      وأدى هذا الانحطاط كله للإمبراطورية العثمانية واختلال قوتها إلى شعور بعض السلاطين بالحاجة إلى الاستفادة من التطور الأوربي في ميدان الصناعة والأسلحة لذلك تركزت جهودهم خلال القرن الثامن عشر على إصلاح وتجديد القوة العسكرية ، وقام بتزويد المدن بالمنتجات الأساسية وإلزام الفلاحين الفارين بالعودة إلى قراهم. وفي المجال الدبلوماسي كان السلطان سليم الثالث أول من أوفد سفارات دائمة إلى الغرب بهدف تمتين العلاقات مع الدولة.
      عموما إن الدوافع الأساسية التي اضطرت من خلالها الدولة العثمانية إلى التغيير والإصلاح تكمن أساسا في تفاحش الأزمة المالية التي عرت هشاشة الاقتصاد العثماني وتزايد الامتيازات التجارية للدول الأوربية التي عرفت تحولات اقتصادية رأسمالية ، وتفسخ الجهازين الإداري والعسكري.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق