المدرسة الكينزية : المدرسة الكينزية في الاقتصاد









المدرسة الكينزية في الاقتصاد

ظهرت المدرسة الكينزية على يد الإقتصادي الإنجليزي جون مينارد كينز
        تلميذ الفريد مارشال والأستاذ بجامعة كامبردج وذلك في فترة ما بين الحربين العالمية الأولى والعالمية الثانية في ظل الظروف الصعبة التي مر بها النظام الرأسمالي والتي اتخذت شكل أزمات اقتصادية دورية متكررة منذ أوائل القرن التاسع عشر كان من أعنفها وأطولها أزمة سنة 1929 التي أدت إلى حدوث كساد عام في كافة النواحي الاقتصادية وبطالة حادة كان من نتائجها ثبوت عدم صحة بعض المعطيات والفرضيات التي قامت عليها النظرية التقليدية
 فكان على كينز أن يفسر أسباب الأزمة وعواملها ويقترح وسائل علاجها . فطرح نظريات جديدة قلبت وتجاوزت المفاهيم الكلاسيكية التقليدية في كتابه الشهير "النظرية العامة للتشغيل والفائدة والنقد" الذي نشره سنة 1936 والذي أتى به ومن ناحية الإنعكاسات الإيجابية والإمتدادات التي ترتبت عنه ومن أهم جاء به كينز :
1-             إطار النظرة الاقتصادية:
قام الكاتب بتحويل منهج التحليل الاقتصادي من نظريات جزئية تقليدية... إلى نظريات كلية عامة أو من الاقتصاد الجزئي إلى الكلي. فقبل كينز كان الكلاسيكيون يهتمون بالحياة الاقتصادية من خلال تصرفات الأفراد ويرون أنها هي التي تتحكم في الاختبارات المتعلقة بالإنتاج والاستهلاك. بينما يرى الكاتب أنه من المهم أن ينظر نظرة شمولية وكلية لمجموع النشاط الاقتصادي1 على مستوى الدولة, وهو ما صارت تهتم به فيما بعد المحاسبة الوطنية والتي تستهدف البحث عن العلقات بين الكميات الكلية للدخل والاستهلاك والاستثمار.
2 -  التوازن الاقتصادي , التشغيل والبطالة:
استندت النظرية التقليدية في التشغيل والتوازن الاقتصادي على قانون ساي الذي يقول بأن كل عرض لابد أن يخلق الطلب المساوي له وبالتالي يتحقق التوازن بين العرض الكلي والطلب الكلي, ويتحقق بذلك التشغيل الكلي, وهذا يمكن التعبير عنه بأن الاقتصاد لا يمكن أن يعرف أزمة إفراط في الإنتاج بأن يكون العرض الكلي أكبر من الطلب الكلي لأن الإنتاج يحقق العرض الكلي ويحقق في نفس الوقت مداخيل عوامل الإنتاج التي تتساوى مع قيمة الإنتاج والعرض الكلي. لأن كل دخل ناتج عن عملية الإنتاج تحصل عليه عوامل الإنتاج لا بد أن ينفق ويتحول إلى طلب على سلع الاستهلاك أو يدخر ويتحول إلى طلب على سلع الاستثمار فيتحقق بذلك التوازن بصورة تلقائية.
  إنتقد كينز  هذا التحليل وبين أن مستوى التشغيل يتوقف على حجم الطلب الفعلي وليس على الطلب الكلي أو العرض الكلي2 ويترتب على ذلك أنه بالإمكان تحقيق التوازن الاقتصادي عند مستوى أدنى من مستوى التشغيل الكامل أي توازن مع وجود بطالة وذلك عندما يكون الطلب الفعلي أقل من العرض الكلي وهو ما يسود الاقتصاديات الحديثة والتي تتعايش بشكل دائم مع مشكل البطالة.
   وبين أن بقاء جزء من الدخل مدخرا يجعل الطلب عاجزا عن تغطية جميع العرض الشيء الذي يضعف الإستثمار فيميل إلى التناقص.
3- دور الدولة:
بالنسبة لتدخل الدولة ناهض كينز الرأي الليبرالي الكلاسيكي الرافض لتدخلها إلا في إطار ضيق, فقد حددت النظرية التقليدية دور الدولة في القيام بوظائف ما يعرف بالدولة الحارسة ( الأمن والدفاع والقضاء والمشروعات التي لا يقوى الأفراد على القيام بها) وذلك ضمانا لتأمين الحرية اللازمة للنشاط الخاص وتشجيعه. في حين رأى كينز أن للدولة دورا أساسيا في الحياة الاقتصادية3 والاجتماعية. يقول الكاتب "ويظهر لنا أن توسيع وظائف الدولة, هو الوسيلة الوحيدة للحيلولة دون خراب المؤسسات الاقتصادية الحالية وشرط لممارسة ناجحة للسعي الفردي".
4- نظرية كينز في النقود:
لم يدخل الكلاسيكيون في اعتبارهم النقود ولم يولوها أي اهتمام بل اعتقدوا أن لها دورا محايدا وأنها "مجرد حجاب يغطي الحقيقة" لأن البضائع تبادل ببضائع في حين يرى كينز أن "ليس هناك مكانة تفوق مكانة النقود" لأن لها دورا ايجابيا نظرا لتعلق الناس بها ونظرا لابتغائهم الحصول عليها رغبة في استعمالها في المستقبل أو لاكتنازها.
   وإذا كانت النظرية التقليدية ترى أن للنقود وظيفة واحدة تنحصر في كونها مجرد وسيلة للتبادل فإن كينز ذهب إلى أن للنقود وظيفة أخرى تتمثل في كونها أداة لخزن القيم ويكن أن تطلب لذاتها واعتبرها أداة أساسية في التحليل الاقتصادي.
     رغم كل الانتقادات التي وجهها كينز للفكر الكلاسيكي, فلا يجب الاعتقاد بأن الكاتب يعادي الرأسمالية, أو يتمنى زوالها (مثل ماركس) وإنما وعكس كل ذلك كان مراده إصلاحها وإنقاذها وتقدمها.

المصدر
"مدخل إلى الاقتصاد" ل ذ, محمد العبوبي طبعة 2007/2008  مطبعة الورود مأخوذ من :
1: فتح الله ولعلو "الاقتصاد السياسي" ، دار النشر المغربية، الدار البيضاء -1974،ص:136
2: وليد عبد الرحمان الرومي "مبادئ علم الاقتصاد السياسي" مطبعة النجاح الجديدة-1996، ص 155
3: فتح الله ولعلو "الاقتصاد السياسي" ، دار النشر المغربية، الدار البيضاء -1974،ص:136







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق