القوة : دوافع البحث أو الخضوع للقوة

القوة : دوافع البحث أو الخضوع للقوة


القوة : دوافع البحث أو الخضوع للقوة
      إن للإنسان حاجات ومتطلبات لا بد من تحقيقها بشتى الوسائل، أو محاولة ذلك على الأقل ، إلا أن تلك الحاجات تتعلق بمدى توفرها من ناحية، ومن ناحية أخرى مدى إمكانية القيام بذلك من الناحية المادية والقيمية ، لذا فإن فكرة الصراع من أجل القوة تعد رغبة في تحقيق تلك المتطلبات أو إشباع تلك الحاجات ، لأن وجود الموانع التي تقف حائلا دون ذلك، تعتبر من الدوافع التي تجعل الإنسان يبحث عن القوة مع وجود العض الآخر يخضع لها، نظرا لدوافع معينة. إذن فما هي الدوافع التي تجعل الإنسان يخضع للقوة ، أو يبحث عنها؟
القوة هي إرادة الإنسان في ترجمة دوافعه ومطالبه وخياراته إلى واقع عملي في الحياة سواء الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية...، التي يعيش فيها ويتعامل معها ، كما أنها تعني نجاح الفرد في تحقيق إرادته في ظل الصراع مع إرادة الآخرين في المجتمع ، وتؤثر في قدرة الناس على جعل العالم يستجيب لمصالحهم وطموحاتهم. من هذا التعريف للقوة يستشف أن البحث عنها هو ترجمة الدوافع إلى واقع عملي ، الذي يمكن بها تحقيق النجاح ، والرقي على مستوى مجال معين ، وهذه الدوافع عبارة عن حاجات ومتطلبات ، المختلفة حسب مجالات الحياة اليومية ، بين المجال الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي وغيرها.
نظرا لوجود من يبحث عن القوة وامتلاكها ، فإن هناك من يخضع لها ، وبالتالي فيظهر أن هذا الخضوع يعد من الدوافع التي ترمي بالإنسان للبحث عن القوة وامتلاكها ، وهذا نجده غالبا في الميدان السياسي بين السلطة الحاكمة والشعب ، لأن في هذا الميدان أو المجال يظل الشعب دائما خاضع للقوة ويرمي بمتطلباته في الشارع.
بين الباحث عن القوة والخاضع لها هناك دوافع متعددة لذلك ، وسوف نبينها وفقا للمجالات ، أو الميادين التالية:
      -الميدان الاجتماعي :  يعد الصراع من أجل القوة ظاهرة اجتماعية قديمة في التاريخ الإنساني ، لأنها تعد أحد أنماط التفاعل الاجتماعي الذي ينشأ عن تعارض المصالح ، وهو موقف تنافسي بين القوي والضعيف ، من أجل تحقيق المطالب ، ويدرك بذلك كل من المتنافسين أنه لا سبيل إلى التوفيق بين مصالحه ومصالح الطرف الآخر ، وبالتالي يكون الجميع أمام القوة بين من يتوفر عليها والباحث عنها ومن يخضع لها، لأهداف ودوافع مختلفة لا يمكن تحديدها في هذا الميدان لأنه شامل ، لكن يمكن أن نقول أن هذه الأهداف والدوافع تكون من أجل تحقيق المطالب والعيش الكريم من خلال تلبية الحاجيات اليومية.
      -الميدان السياسي: القوة السياسية فهي مصطلح يشير إلى السلطة السياسية، أي القوة القانونية للدولة ، وهي ما يعرف بالقوة المشروعة ، وهي تتضمن اعتقاد الأفراد بأن من واجبهم طاعة الدولة، ومن حق الدولة أن تمارس النفوذ والقوة عليهم ، كما أن السياسة عند أصحابها تعني السيطرة على الشعب، والسلطة السياسية هي علاقة نفسية بين من يمارسون السلطة ومن تمارس عليهم ، وهي تعطي للحاكمين حق مراقبة أفعال المحكومين ، كما أن أساس إخضاع المحكومين لقوة السلطة نابع من مصادر أو له دوافع معينة من قبيل: توقعهم الحصول على منافع أو مزايا ، خوفهم من مساوي أو مضار عدم الخضوع ، احترامهم للحاكمين ، وبهذا تكون هذه الممارسة للسلطة من خلال الأوامر أو التخويف أو التهديد ، أو قد تكون عن طريق الإقناع ، أو بواسطة سطوة جهاز أو هيئة معينة...
إذا كان الشعب خاضع لقوة السلطة لدوافع كما تطرقنا إليها ، فإن الجمع كذلك يبحث عن القوة لممارسة هذه السلطة ، أي ما يطلق عليه الصراع حول السلطة أو صراع الأدوات الحكم على السلطة، وقد يكون هذا الصراع سلميا أو مسلحا، وهذه القوة هي السبب المباشر على القدرة على الصراع ، وغالبا ما يكون بين الجماعات ، كصراع لطبقات أو الأحزاب أو القبائل أو الطوائف ، كما يمكن أن يكون بين الأفراد لكن داخل هذه الجماعات ، وبالتالي تعتبر السلطة في هذه الحالة من الدوافع المباشرة المؤدية إلى البحث عن القوة.
       -الميدان الاقتصادي :  تتمثل الدوافع التي تجعل الناس يبحثون عن القوة ، هو ما يشاهدونه في هذا العالم من تضارب المصالح الاقتصادية بين أصحاب المصلحة في ذلك ، فالعلاقات الظالمة بين المنتج ووسائل الإنتاج، والإنتاج، هي التي تؤدي إلى ذلك الصراع الذي نتج عن  سيطرة رأس المال على وسائل الإنتاج ، وهذه هي القوة المادية التي يطمح الجميع إلى امتلاكها ، حيث يتم السيطرة على العمال ، وأصبحوا خاضعين لهذه القوة ، بدافع تلبية حاجاتهم المعيشية ، ما أدى إلى سلبهم غالب حقوقهم المادي والمعنوية، المتمثلة في سرقة جهدهم بإعطائهم جزءا يسيرا من حقوقهم ومستحقاتهم مقابل جهودهم المبذولة لغرض زيادة الإنتاج، وبالتالي يخضعون لتلك القوة المادية لهدف واحد يتمثل في تحقيق جزء من حاجاتهم المعيشية مع الحرمان من حقوقهم الإنسانية، كحقهم في التعليم والحياة الكريمة ، وأصبحوا مجرد عمال لدى رب العمل.
      -الميدان الثقافي : يتمثل الصراع من أجل القوة على المستوى الثقافي ، من خلال كون الجميع يرمي إلى فرض ثقافته على الآخر ، حيث كثيرا ما كان الاختلاف بي الناس ، سواء الأفراد أو الجماعات ، في الدين أو اللغة أو القيم الاجتماعية، والكل يرى أن وجهة نظره هي الأصلح ، وهو دائما يدافع عنها،  حيث أن الثقافة تعد السمة المميزة ، لكل مجتمع وهي هويته التي بدونها لا تستقيم الأمور، وبالتالي فالجميع يبحث عن القوة بدافع فرض ثقافته ورأيه على الآخرين.
       مجمل القول ، فعلا يخضع الإنسان للقوة أو يبحث عنها بسبب دوافع مختلفة وأهداف متعددة ومتنوعة، قد تكون اجتماعية، اقتصادية، سياسية، ثقافية، لكن هذه الدوافع يمكن إجمالها واختصارها في دافع تحقيق المطالب وتلبية الحاجيات اليومية.

دوافع البحث أو الخضوع للقوة
القوة : دوافع البحث أو الخضوع للقوةالقوة : دوافع البحث أو الخضوع للقوة  K


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق