التنمية المستدامة:
التنمية المستدامة:
التنمية المستدامة
لقد فرضت قضية التنمية نفسها على المجتمع الدولي منذ
نهاية الحرب العالمية الثانية. وقد عرف مفهوم "التنمية" تطورا كبيرا منذ
طلك الوقت. ويعتبر مفهوم "التنمية البشرية المستدامة" هو المفهوم الأكثر
قبولا الآن. فلم يعد الأمر مقصورا على تحقيق معدل معقول للدخل الفردي، كما لم يعد
معدل النمو الاقتصادي كافيا للحديث عن تحقيق التنمية. ويرتبط ذلك بأمرين لابد من
أخذهما في الاعتبار، الأمر الأول هو أن التنمية الاقتصادية –وإن كانت أساسية- غير
كافية وحدها للحديث عن تنمية حقيقية ، بل لابد من إدخال عناصر أخرى تشمل الجوانب
الاجتماعية والثقافية. وقد سبق أن أشرنا إلى أن نظرة البنك الدولي قد تطورت في هذا
الميدان، حيث اتسع الأمر إلى قضايا التوزيع وحماية المهمشين. ونضيف إلى ذلك أن
برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قد عمد منذ بداية التسعينات إلى إصدار تقرير سنوي
عن التنمية البشرية المستدامة، وأدخل في هذا الصدد معايير جديدة لقياس معدلات
التنمية لا تقتصر على مستوى الدخل الفردي، وإنما تراعي الجوانب الاجتماعية الأخرى
مثل معدل الوفيات، والأمل في الحياة، فضلا عن مدى توافر الخدمات الأخرى. فمحور
التنمية هو البشر وزيادة قدراتهم على الاختيار وتمكينهم من ممارسة هذه الخيارات،
وتفجير طاقاتهم الإبداعية، وتمكينهم من المشاركة في أمور حياتهم. ويحرص برنامج
الأمم المتحدة الإنمائي على نشر ما أطلق عليه مؤشر التنمية البشرية سنويا للتعبير
عن هذه الأمور. وأما الجانب الثاني الذي عني به مفهوم التنمية البشرية فهو ضرورة
تواصل أو اطراد التنمية بين الأجيال. وقد أدى ذلك إلى إدخال مفهوم حماية البيئة
ضمن معايير تحقيق التنمية. فقد يتم تحقيق تقدم اقتصادي على حساب إهدار موارد
البيئة الطبيعية وتلويثها، مع ما يتضمنه ذلك من إجحاف بمستقبل الأجيال القادمة.
فالتنمية البشرية لا تكتفي فقط بتوزيع نتائج التقدم بين مختلف الفئات والطبقات، بل
تمتد أيضا إلى التوزيع بين الأجيال والحرص على حماية مستقبل الأجيال القادمة. فمن
واجب الجيل الحالي أن يترك للأجيال القادمة بيئة سليمة وصالحة للحياة والاستمتاع.
المصدر : محاضرات المساكل الاقتصادية الكبرى للسداسي الثاني من شعبة القانون الخاص بأكادير خلال السنة الجامعية 2008/2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق