المدرسة الماركسية : كارل ماركس
المدرسة الماركسية:
أفرزت الثورة الصناعية وتطور النظام الرأسمالي العديد من
الأزمات الناتجة عن الاستغلال البشع الذي كانت تعيشه طبقة العمال والمتمثل في
تشغيلهم لفترات تتراوح بين 14-17 ساعة يوميا في مناجم مظلمة ومعامل ضيقة إلى جانب
تشغيل النساء والأطفال والصغار بأجور جد منخفضة. مما أدى إلى انفجار العديد من
الاحتجاجات على الظروف السيئة في مختلف الدول الصناعية وإلى ظهور مذاهب فكرية
تعارض وتنقد المذهب الكلاسيكي.
وخلافا
للتيارات الإصلاحية والنزعات الاشتراكية المثالية أو الطوباوية التي قالت بوجوب
إدخال بعض التعديلات على النظام الرأسمالي مع المحافظة على أسسه. نادت المدرسة
الماركسية بضرورة القضاء على هذا النظام برمته لأنه السبب في الأوضاع الاجتماعية
المتردية.
وقد تأسست هذه المدرسة على يد كل من كارل ماركس
(1818-1883) وفريدريك إنجلز (1820-1895) اللذان يعتبران الواصفان الأساسيان لطريقة
التحليل الماركسي المعتمدة على الجدلية المادية وعلى تفسير التطورات التاريخية من
خلال صراع الطبقات.
كما شملت الماركسية فيما بعد عطاءات مفكرين ماركسيين
كثيرين من أمثال لينين، وتروتسكي وستالين وماوتسي تونغ وغيرهم.
وسنكتفي هنا بالإشارة إلى ما جاء به ماركس من أفكار
اقتصادية وهي أفكار تجتمع في غالبها في كتابة رأس المال الذي نشر الجزء الأول منه
سنة 1867. أما الجزئيين التاليين فقد نشرهما إنجلز بعد وفاته في عامي 1885 و 1894.
وقد انطلق كارل ماركس من انتقاد الفكر الاقتصادي الرأسمالي كما أعطى للصراع بين الطبقات
أهمية كبيرة في تفسير التطور التاريخي معتبرا أن دراسة تاريخ أي مجتمع هو دراسة
لتاريخ الصراع بين الطبقات المستغلة والطبقات المستغلة.
ومن النظريات الأساسية التي جاء بها كارل ماركس نذكر على
الخصوص1:
1-
نظرية القيمة
يعتبر كارل ماركس أن قيمة أية سلعة كيفما كانت يعبر عنها
عامل واحد هو مقدار العمل الإنساني المبذول لإنتاجها. وتقاس هذه القيمة بالزمن
الاجتماعي، أي بالزمن الذي يقضيه العامل المتوسط لإنتاج المادة على أساس توفر
مستوى معين من وسائل الإنتاج التي يستعملها المجتمع.
2-
نظرية فائض القيمة
يضطر العمال للاشتغال لحساب صاحب رأس المال لأنهم لا
يملكون وسائل الانتاج، فيمنحهم المنظم أقل أجر ممكن وهو الأجر الذي يمكنهم من
العيش وإعالة أفراد عائلتهم أي الحد الأدنى للمعيشة.
في حين ينتجون لصاحب رأس المال إنتاج ذا قيمة تفوق بكثير
قيمة الأجور المحصل عليها وهكذا يحصل الرأسمالي على الفارق الموجود بين قيمة السلع
وقيمة قوة العمل. وهو ما يسمى بفائض القيمة وهو أساس الاستغلال الرأسمالي في نظر
الماركسيين.
فالعامل الذي يشتغل مثلا عشر ساعات لا يتلقى من
الرأسمالي سوى أجرا قيمته أربع ساعات، فالست ساعات الزائدة إنما يشتغلها مجانا
لحساب الرأسمالي لمجرد أنه يملك وسائل الإنتاج.
واقترح كارل ماركس لحل هذا المشكل ملكية الدولة لوسائل
الإنتاج.
3-
نظرية التركيز الرأسمالي
وهي نظرية تقوم على فكرة التنافس بين الرأسماليين من أجل
الحصول على أكبر قدر ممكن من فائض القيمة. هذا التنافس تصاحبه زيادة في الأرباح
وفي حجم المشروعات.
ويترتب على هذا التراكم الرأسمالي زيادة في الإنتاج يصعب
تصريفها بسبب ضعف قيمة أجور العمال فتقوم المنافسة بين أرباب المعامل من أجل تصريف
إنتاجهم ما ينتج عنه القضاء على المشروعات الإنتاجية الصغيرة وإخراجها من دورة
الإنتاج وظهور الاحتكارات وتركز رؤوس الأموال في يد عدد قليل من كبار الرأسماليين.
4-
نظرية التفقير
يؤدي التراكم الرأسمالي إلبى التوسع في استخدام الآلات
في عملية الإنتاج على حساب عنصر العمل. أي تكثيف الرأسمال في العمليات الإنتاجية
مما يؤدي إلى تقليص فرص العمل أمام فئات عريضة من أفراد المجتمع وإلى تزايد
البطالة وتزايد أعداد ما يصفه ماركس بالجيش الاحتياطي للصناعة الذي يمارس ضغطا على
الأجور لتبقي عند حد لا يتجاوز المستوى اللازم للمعيشة.
5-
نظرية الأزمات
لا تمثل الأزمات في النظام الرأسمالي حالات عارضة خارجية
المنشأ بل هي كامنة في صيرورته التاريخية إذ تزداد الهوة بين الرأسماليين والعمال
ويزداد عدد الجيش الاحتياطي الصناعي المتعطل مما يؤدي إلى تكوين طبقة هائلة من
المجتمع غير مستهلكة في حين تتراكم السلع في الأسواق فتحدث الأزمة وتتوالى الأزمات
واحدة تلو الأخرى حتى انهيار النظام الرأسمالي وحلول نظام اقتصادي جديد ينكر
الملكية الفردية لوسائل الإنتاج ويأتي بدلها بالملكية الجماعية والتي ستؤدي إلى اختفاء
العمل غير المدفوع الثمن ويظهر مجتمع جديد بلا طبقات وبلا استغلال.
المصدر : محمد العبوبي "مدخل إلى الاقتصاد"
مطبعة الورد ، طبعة 2007-2008.
1-
نفس المصدر ، أخذه من:/
فتح الله ولعلو،"الاقتصاد السياسي"، دار النشر
المغربية، الدار البيضاء ،1974 ص 120-121
المدرسة الماركسية : كارل ماركس ; المدرسة الماركسية : كارل ماركس ;
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق